Hoppa till huvudinnehåll

قلب الربيع العربي المتفجرُ

Credits رئيسة التحرير المؤقتة: خلود صغير ترجم النص من السويدية إلى العربية جاسم محمد رسومات: كايسا نيلسون 25 januari 2021

"القصيدة فكرة تعبر القلب وتفجره"

(ماري لوندكفيست)

لقد مرت عشر سنوات منذ شهدنا بداية الانتفاضة التي طال انتظارها في العالم العربي ضد عقود من الحكم المستبد والقمع. أقول العالم العربي رغم أنني مقتنعة بأنه مصطلح عام لمنطقة جغرافية تتوزع على قارتين وتضم عدة شعوب مختلفة. كما أنه عالم غير متجانس تماما لغوياً حيث تكون اللغة العربية هي السائدة. نساء ورجال، صغارٌ وكبارٌ، هبّوا وتظاهروا في الشوارع والساحات، مطالبين بالديمقراطية وحقوق الإنسان بالوسائل السلمية. وفي لحظة كسروا حاجز الخوف بلا رجعة.

كانت نقطة الانطلاق لهذه الانتفاضة المفرحة حد الطرب هو بائع الخضار المتجول الشاب التونسي محمد البوعزيزي، الذي في لحظة شعور عميق باليأس أشعل النار في نفسه في مدينة سيدي بوزيد. صار البوعزيزي النبراس الذي أضاء بجسده طريق الثورة إلى الآخرين. وأخيراً بزغ أمل وإيمان بالمستقبل عندما طالبت الشعوب بإزاحة الطغاة.

هذا الشاب اليائس ألهم الحركات الديمقراطية التي كانت قائمة بالفعل من شمال أفريقيا، إلى الشرق الأوسط وصولاً إلى شبه الجزيرة العربية.

كانت الكلمات، والشعارات تكمن في قلوب الناس وتنتظر.

زغرد قلبي العربي. وهذه الإنتفاضة زعزعت مفهوم الغرب ونظرته إلى شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي كانت تبدوا لفترة طويلة وكأنها تراوح في نفس المكان. أصدقاء الديمقراطية الحقيقيون رحبوا بهذه الانتفاضة. وفي التقارير الإخبارية، أطلَّ علينا عبر الشاشات رجال ونساء يتحدثون الإنكليزية بطلاقة. كانوا نشطاء سياسيين وصحفيين ومدونين ومخرجين وأطباء وأكاديميين وفنانين وكتاب وشعراء يرتدون الجينز الممزق والتيشرت. لم يسبق لشاشات التلفزيون في غرف المعيشة الأوروبية أن تقدم الإنسان العربي العاقل بمثل هذا الصورة المجسمة عنه. فجأة لم يعد من السهل بعد ذلك إلصاق صورة بالعربي على أنه غير حضاري وعقائدي وكاره وعنيف. أطروحة صموئيل هنتنغتون صار لها نقيضها. طالب "المحمديون" بالديمقراطية، ومن أجلها كانوا مستعدين للتضحية بحياتهم. هكذا تحدث قلبي العربي.

ولكن الرغبات لم تتحقق والربيع صار خريفاً والأوراق سقطت.

مع ذلك بقي القلم، وعلى الرغم من أننا شهدنا بعد الربيع العربي رقابة أكثر صرامة من ذي قبل في بعض البلدان، مثل مصر تحت حكم الدكتاتور عبد الفتاح السيسي، إلا أن معظم الشعراء والكتاب يواصلون فعل ما كانوا يفعلونه دائماً: الكتابة. إنهم يدونون الآن كشهود على حاضرهم. وها هم يبدعون في بيئتهم، بعضهم مع رقابة ذاتية مبرمجة في أدمغتهم بوعي أو دون وعي، والبعض الآخر يكتب كالعادة وينتهي بهم الأمر دون سابق إنذار وراء القضبان. بعضهم تناءى بنفسه عن الأحداث، إلى منفى قسري أو مختار. لكن أغلبهم لا يزالون يكتبون ولكن من مكان آخر، مكان ضبابي، مكان اللاجئ.

هؤلاء الشعراء والشاعرات يمسكون بالقلم وبه يسيرون دفة هذا العدد الجديد من بينوب، ويرسمون لنا طريقا مختصراً لجوهر الأحداث.

اليوم، 25 كانون الثاني/يناير، تكون قد مرّت عشر سنوات بالضبط على المظاهرات الأولى التي جرت في ميدان التحرير في القاهرة، ولهذا السبب بدأنا العدد مع شاعرين مصريين: تقدم هدى عمران، التي تعيش في القاهرة، نصاً عن مكانة الشاعرة في تاريخ مصر الأدبي تقول فيه أن. "المرأة هي الخاسر الأول من الثورة". محمد أشرف، وهو الآن كاتب ضيف في برلين، يشارك بقصيدتين كتبهما بعد اندلاع المظاهرات في ميدان التحرير.

تباعًا نمكث لبرهة في القارة الأفريقية ونقدم نصاً للشاعرة والأكاديمية السودانية نجلاء التوم، حيث تلقي الضوء على التطورات السياسية التي شهدتها السنوات الأخيرة في السودان، وتقول التوم إن نشوء مقاومة ضد السياسات الثقافية العنيفة لمحو لغة الفور وغيرها من لغات الأقليات، هو أكبر حدث ثقافي شهدته السنوات الأخيرة.

في 20 أغسطس 2020، غرق الشاعر السوداني الشاب عبد الوهاب لاتينوس في البحر الأبيض المتوسط بينما كان متوجهاً إلى أوروبا. كان لاتينوس قد كتب عن الموت والرغبة في الاختفاء. أصبح الماء الغريب قبره. لقد ترجمنا قصيدتين من نتاجه. "يبقى كل نص حزيناً حتى تتم ترجمته"، حسب دريدا.

نقرأ في هذا العدد أيضا مقالا للشاعر العراقي علي ذرب، ضيف مدينة يونشوبينغ السويدية، يتحدث فيه عن الانتحار كخيار مثالي لشاعر عراقي. ونقرأ أيضا حورا مع الشاعر والكاتب والمخرج السينمائي العراقي الشهير حسن بلاسم عن موت الشعر وثورة أكتوبر العراقية.

كما ننشر مقابلة مع الشاعر السوري فرج بيرقدار حول المأساة السورية الكبرى. إن الكتابة عن الربيع العربي دون التطرق إلى الكارثة السورية أعتبره جريمة. عنوان المقابلة باللغة الإنجليزية هو "الأسد قوض سوريا إلى صورة يتضاءل جنبها معنى الجحيم". الشاعرة الجزائرية سميرة نقروش، واحدة من الشعراء القلائل الذين لا يزالون يعيشون في الجزائر، تساهم هنا بمقالة عنوانها "من حميمية الجماعة إلى أفق الذات". تذكرنا نقروش بالأصوات التي تم اسكاتها والأصوات التي تسكت رويدًا رويدا:

"أعيش في بلد في حالة حداد منذ زمن طويل جدا، بلد لم يتمكن من تكريم موتاها بالكامل، ولم يتمكن من تحريرهم بالكامل، بلد يؤجل الحياة والعيش باستمرار إلى المستقبل. بلد حيث يخلق المرء لنفسه صراعاً متشابكاً ليتجنب لمس قلب الصراع الحقيقي.

ثم عليك أن تكون قادرا على التزام الصمت لكي تتعايش مع الحزن، وعليك التزام الصمت للخروج من دوامة التشنجات، وعليك التزام الصمت لرفض لغة الصراع - أن تبقى صامتا هو في بعض الأحيان نقطة التحول الوحيدة الممكنة، المقاومة الحقيقية الوحيدة".

هذه الأصوات وكثيرة غيرها نقدمها في هذا العدد. القاسم المشترك بينها جميعا هو، على حد تعبير نجلاء التوم: تاريخ المقاومة، وتاريخ الهزيمة، وتاريخ الاستعمار وتاريخ العبودية، وتاريخ الدولة الفاشلة في مرحلة ما بعد الاستعمار، وتاريخ العنصرية، وتاريخ الحرب الأهلية، وتاريخ الإبادة الجماعية، وتاريخ الاستعمار الجديد.

Like what you read?

Take action for freedom of expression and donate to PEN/Opp. Our work depends upon funding and donors. Every contribution, big or small, is valuable for us.

Ge en gåva på Patreon
Fler sätt att engagera sig

Sök