Skip to main content

Diary of the silent

Syrian poet, Housam Al-Mosilli, was forced to flee Syria in 2012 after he was imprisoned three times and repeatedly tortured. Today, he lives in exile in Turkey. In the poem, “Diary of the silent,” he does not just write about the country he left, but how Syria left him.

Credits Text: Housam Al-Mosilli September 10 2014

يسألوننا في البعيد: "هل أنتم بخير حقاً؟" نُجيب: لو علمتم أن ما يفصل بيننا وبينكم من بحر ليس سوى دموع أمهاتنا وحبيباتنا، لأبحرُتم إلينا حفاةً على الأقل.

***

في بلادنا يا سادة، خليفة عصريٌّ يتقلّدُ سيفاً ويرتدي ساعة رولكس، بإمكانكم أن تتأكدوا من ذلك على "يوتيوب"، بيد أنه سيتوجّب عليكم أن تنتظروا بضع دقائق حتى يبدأ مقطع الفيديو؛ فثمّة إعلان حصري للعبة "إكس بوكس".

***

إنهم يقطعون الكهرباء أحياناً عن إسطنبول، فالنوارس لم تعد تضحك ليلاً، ذلك لأن قائدها تأخر عن الموعد التقليدي لإطلاق النكات. كلُّ ذنبه أنّه أراد زيارة حبيبته على حدود بلادي، فأرداه قناص أحمق ظّنه صاروخاً حرارياً لشدة شوقِه.

***

على أرضنا، وبعدَ أن تُصاب خلايا الجسد كلِّها بالخدر

نَنظرُ إلى الشّمس نَظرة وداعٍ

يَمرُّ شَريطُ حياتنا في ثوانٍ

نَحزنُ لا لأنّنا ميّتون

بل لأن الدمع سيخطُّ أخاديداً

على وجنات أمِّهاتنا ومن نُحب

هناكَ،

تباغِتُنا القُبلة الأولى

والسَّكرة الأولى

ونَسألُ: "هل مِن سَبيلٍ

لنملأ رئاتنا بالنيكوتين مرّةً أخيرة؟"

نحنُ نُدركُ أنَّ الحياة قَابلة للاختزال

وحينما ننصتُ للهواء، نسمع صوت ترابنا يقول:

"عيشوا بكرامة،

أو امضوا وأعينكم تَحتضنُ الشّمس"

***

يوميات الصامتين:

حَتى الصمتُ،

لَم يَعُد بمَقدورِه النّومُ

في لَيلِ الترقُّبِ الطَويل

فلربُّما ثمَّة شيءٌ سَيأتيه،

قد يُعتقلُ خِلال استلقائِه

على جِذعِ شَجرة اللَوز

أو تُباغُته رَصاصةُ قنّاصٍ

بَينما يَتثاءبُ

أو يَصعقَه خَبرٌ لمَجزرةٍ

يُذبح فيها السُّنونو والأيائل

أو،

قد تَأتيهِ أُنثاهُ بشَهقةِ وَداعٍ

عَلى سَريرِهِما الأخيرْ

بعد أن أنهَكتهُ الراحَةُ

وضعَ رَأسهُ تحتَ وسادةٍ

هَرباً من صَخبِ الهدوءِ المُعلّبِ

هل يَقرأ؟

لا مُتَّسعَ مِن وقتٍ في هذا الأبد البطيءْ

يُحضِّرُ فُنجان قَهوةٍ "سَادة"

ويُشغّل أغنيةً لفيروز.. "سَادة" أيضاً

"عَندي ثِقة فيك"

يَبتسمُ لِذكرى أرضِه التي رَحلَتْ

ونَسيَتْ أنه؛ مِثل فَيروز

-كانَ يَثِقُ أيضاً-،

يُزعجُه طَرْقُ الرتابة في أُذُنيهِ

يُطفِئ الصوتَ

يَرتشِفُ قهوته التي بَردَتْ في قياسِ المسافات

يَقول في سِرّه:

"لعلّي أجدُ شمسَ الشعراءِ التي لا تَنامُ"

يَنهض مِثل بُركانٍ خَامِدٍ

قد سَئِمَ السُيّاحَ البُلهاءَ

يُوقِظ سَتائرَ شُرفَتِهِ

تُصيبهُ شَظايا شُعاعٍ طَائشٍ

يَصيحُ: "ربّاه هَا قد أصبحتُ أعمى"

يُرطِّبُ بالدمِع بقايا الملح على خدّيهِ

تَنسدلُ الستارة لتَنامَ مرّة أخيرة

أمّا هو، فيَهوي على أرضٍ

أبعَدَ من وَطنِ حِزبيّ

كنَسرٍ لَم يُتقِنِ الفَرمَلةَ بَعدُ

ويَهمسُ في أُذنِ الفنجانِ الباردِ

"طُوبى للغاوينَ،

فإنّهم لا يُبصِرونَ الحقيقة"

***

إلى أتيليو دي جيوفانني*:

عليك أن تنقذ مدينتي

إنْ لم تفعل،

فاعلم أن هذا العرض قد انتهى

سيأخذون الأشجار وأعشاش الطيور من منازل الدمشقيين

سيفككون الأبواب وقرميدات السطح وغطاء المدخنة

سيفرغون عربة الخضار من العجلات

لن يبقى شيء على الإطلاق

أما أنا،

فلن أمضي قبل أن أجد فردة الحذاء التي فقدتُها عند باب المسجد

عندما صليتُ لراحة نفس اللص

سأرتديها ثم أختفي

كاملاً

❊أيتيليو دي جيوفاني: الشخصية الرئيسية في فيلم "النمر والثلج، 2005" للمُذهل الإيطالي روبيرتو بينيني.

Like what you read?

Take action for freedom of expression and donate to PEN/Opp. Our work depends upon funding and donors. Every contribution, big or small, is valuable for us.

Donate on Patreon
More ways to get involved

Search